السمنة وعلاجها: ماذا يقول علم النفس!



 الكثيرون منا يعانون من كثرة الأكل، التي تؤدي في نهاية المطاف الى حالة البدانة. هل هذا هو الأكل القهري، أم الادمان على الأكل؟ وكيف يمكن للعامل النفسي أن يساعد أكثر من الحميات الغذائية العادية في السمنة وعلاجها؟

يعاني الكثير منا من الافراط في الاكل، مما يؤدي في نهاية المطاف الى حالة البدانة. هل هذه هي حالة الاكل القهري، او الادمان على الاكل؟ وكيف يمكن للعلاج النفسي ان يساعد اكثر من الحميات الغذائية العادية للتعامل مع السمنة وعلاجها؟

بالنسبة للكثيرين منا، فان السمنة هي مشكلة معروفة منذ سنوات عديدة، وقد تعلمنا العيش والتكيف معها. لقد جربنا بالفعل الكثير من الحميات الغذائية، ولكن دون جدوى، وفي مرحلة معينة وصلنا الى استنتاج مفاده انه ربما سنضطر الى العيش مع السمنة. معظم الناس لا يعرفون بالطبع انه يمكن القضاء على السمنة وعلاجها بواسطة العلاج النفسي القصير المدى والفعال.

هناك انواع مختلفة من فرط الاكل، التي تسبب السمنة :

1. الاكل القهري (Binge Eating Disorder): الذي يعبر عنه بشراهة الاكل التي تظهر من حين لاخر، وخلالها تاكل كمية كبيرة من الطعام في وقت قصير (اقل من ساعتين)، وعادة ما يكون هناك شعور بعدم السيطرة على فرط الاكل، دون وجود اي سلوك  للتعويض عنه، مثل: التقيؤ، الاسهال، فرط ممارسة الرياضة او الصيام. وعادة ما تكون هذه وسيلة للتعامل مع الاحاسيس، ويعتبر بالتالي نوع من الاكل الحسي.

2. الاكل الحسي دون الشراهة:  هو نمط سلوكي، يميل فيه الاشخاص الذين يعانون منه الى اللجوء الى الاكل كلما نشات مشاعر قوية وغمرتهم. المشاعر يمكن ان تكون سلبية او ايجابية. اي ان الشخص يمكنه ان يشعر بالضغط او القلق ويذهب لياكل شيئا ما لتهدئة نفسه، وبشكل مشابه، عندما يحصل على علامة جيدة في الامتحان، يذهب لياكل شيئا ما، لكي يكون من الاسهل عليه استيعاب الفرحة التي تغمره. في هذه الحالة ينظر للطعام كمهدئ، منظم للمشاعر ومريح، وعادة لا يكون لدى هؤلاء الاشخاص وسائل اخرى فعالة لتنظيم العاطفة.

3. عادات الاكل "السيئة " - غالبا الاشخاص الذين يعانون من السمنة المفرطة، تكون لديهم عادات الاكل غير السليمة. على سبيل المثال، هم اعتادوا على تناول الطعام الدسم، كميات اكبر من الكميات التي يحتاجونها لكي يشبعوا، وياكلون حتى عندما لا يكونوا جائعين. بالاضافة الى ذلك، تكون لديهم صعوبة في السيطرة على النزوات المتعلقة بتناول الطعام، اي: عندما تكون لديهم الرغبة في تناول طعام دسم او غير صحي، فانهم عادة ما يستسلمون لهذه الرغبة، ولا يقيدوا انفسهم. لدى بعض الناس مشكلة في السيطرة على الرغبات ايضا في مجالات اخرى، وهذا يتجلى في السلوك الاندفاعي وفي " العمل دون تفكير". لمثل هذا النوع من فرط الاكل يوجد طبيعة ادمانية، من خلال التفكير " انه يجب الان الحصول على" ما نرغب به!

4. الاشخاص الذين يعانون من السمنة المفرطة قد يعانون من جميع انواع فرط الاكل، او البعض منها فقط.

لماذا تفشل عادة الحميات الغذائية في الحد من السمنة؟ والسبب بان الحمية الغذائية تركز على خفض الوزن السريع، وليس على تغيير عادات الاكل بشكل دائم. علاوة على ذلك، فالحمية الغذائية لا تغير عادات التفكير المتعلقة بالاكل، او تتعامل مع المشاعر المرتبطة بالطعام. لحل مشكلة السمنة وعلاجها، هناك حاجة الى كل هذه المكونات، ومكونات اخرى، مثل تغيير عادات الحياة بشكل عام، للحد من الانشغال بالطعام وتغيير السلوك حوله. قد يبدو هذا غريبا، ولكن العلاج النفسي يمكنه بالتاكيد ان يساعد في التغلب على السمنة وعلى عادات الاكل السيئة.

السمنة وعلاجها  النفسي، هل يمكن ان يساعد؟
ذلك هو علاج معرفي سلوكي (CBT)، المعروف بالعلاج الذي يساعد الاشخاص على تغيير العادات، وبذلك في حل المشاكل السلوكية. كما يساعد العلاج في تنظيم المشاعر وتغيير انماط التفكير الاشكالية، التي تمنعنا من المضي قدما وتحقيق الاهداف. في السمنة وعلاجها  يتم استخدام عدة تقنيات فعالة جدا، ومن يثابر عليها يستطيع بالتاكيد ان يصبح نحيفا ويعيش حياة صحية اكثر وبشكل دائم:

1. تسجيل يوميات الاكل: في يوميات الاكل يتم عادة تسجيل كل ما ناكله خلال اليوم، بالاضافة الى الساعة، ماذا فعلنا قبل الاكل، مدى الجوع، فضلا عن الافكار والمشاعر التي انتابتنا حول الطعام. تسجيل يوميات الاكل يخدم عدة اغراض مهمة: اولا، نصبح على دراية بكل شيء ناكله، دون تجاهل الوجبات الخفيفة، النقارش او الكميات غير المرغوب فيها. عملية الاكل تتوقف عن كونها تجرى بشكل تلقائي، دون تفكير. تسجيل اليوميات، في الواقع، يجعلنا نفكر في ما ناكله، لان كل شيء يدخل الفم، يسجل ايضا في اليوميات. بالاضافة الى ذلك، نصبح على دراية بالاسباب التي جعلتنا ناكل الطعام  غير المرغوب فيه: ماذا فكرنا وماذا شعرنا. بهذه الطريقة، يمكن للمعالج ان يحدد الافكار والمشاعر الاشكالية ويعالجها، وكذلك ايلاء الاهتمام بالسلوكيات غير المرغوب فيها والتي تشجع على الافراط في تناول الطعام.

2. تغيير البيئة : المعالج يحدد لدى المريض السلوكيات الاشكالية، التي تسهم في الافراط في تناول الطعام، ويوجهه في كيفية تغييرها. على سبيل المثال، وجود الاطعمة  غير المرغوب فيها في المنزل، الاكل مباشرة من اواني الطبخ بدلا من الطبق، عدم العمل في الحياة اليومية الذي يؤدي الى الملل، يؤدي الى الافراط في تناول الطعام، وغيرها من السلوكيات التي يمكن تغييرها.

3 . التنظيم العاطفي : اذا كان الشخص المعالج يستخدم الطعام كاداة للتعامل مع المشاعر، فالمعالج يعلمه طرقا اخرى لمواجهة الموقف. على سبيل المثال، يمكن التعامل مع المشاعر عن طريق القيام بانشطة  تنظم المشاعر، او عن طريق الانتباه للشعور، تقبله وتخفيفه، ومحاولة التحكم بحدته من خلال وسائل مختلفة مثل: الكتابة، التامل، تمارين الاسترخاء وغير ذلك.

4 . التشجيع : من المهم جدا اعطاء التشجيع في كل مرة ينجح فيها المعالج بالاكل السليم لبضعة ايام او حتى ليوم واحد. التشجيع يمكن ان يكون عبارة عن كل شيء يختاره الشخص المعالج، باستثناء الطعام. التشجيع يمكن حتى ان يكون كلمات التشجيع التي يقولها الشخص المعالج لنفسه، او ان يقولها له المعالج او الناس من حوله.


المصدر: ويب طب 
شاركها في جوجل+

0 comments:

إرسال تعليق